الخميس، 26 فبراير 2009

الأصول المالية و الطاقة الغائبة

كتب د.حازم الببلاوى عن الأصول المالية وكيف أن الأسواق المالية هى المكان الذى يتداول فيه تلك الأصول ؛ مشيراًأن تلك الأصول هي مجرد رموز لأشياء تعبر عن "حقوق" أو"مطالبات " ، قابلة للتملك و التداول و الإستخدام عن الحاجة ... كما أن اللغة أو الكتابة هى رموز للتعبير عن أفكار البشر و حاجتهم للتواصل .. و أسهب المقال فى وصف تلك القيمة التى تعبر عنها الأصول المالية ، و تفرقها عن السلع ذات الإستفادة المباشرة للبشر ؛ و كيف أن هذه القيمة هى التى تحرك السوق من حيث القوة و الضعف و الثمن و المخاطر و العرض و الطلب و غيرها من أسباب التداول بين البشر .. و لكنه لم يوضح لنا ما هى هذه القيمة تحديداً ؟ و التى لو توصلنا إليها لعرفنا تحديداً ما هو الأصل الأصيل للمال و لعرفنا أيضاً كيف نديره ونستفيد منه و نتجنب مخاطره !هذا هو خلاصة : الإقتصاد المحورى و اعتباره الطاقة الأصل.و لنوضح ذلك ، لنلقى نظرة تاريخية عن نشأة الأسواق المالية ؛ فهى قد نشأت بالأساس لتداول النقود ذاتها .. و ذلك بعد ظهور النقود و اكتشاف أهميتها من حيث سهولة التداول ،عوضاً عن التبادل السلعى فى الإقتصاد الطبيعى ..و خاصة بعد تطور إصدارات النقود إلى الشكل الحالى، بعد أن كان يقوم مقامها بعض السلع الهامة أو النادرة شديدة الطلب و الإستخدام مثل الملح و التمر والبر و الشعير و الذهب و الفضة .. ثم اشتق من النقود السائلة لاحقاً الأشكال الأخرى مثل الأسهم و السندات و الأوراق التجارية و المنتجات المالية الحديثة من خيارات أو تعاقدات أو غبر ذلك ( كما ورد بالمقال ) .. و من ثم أصبح الصيارفة الذين بدءوا فى تداول عرض هذه النقود بيعاً و شراءاً ؛ هم أول نواه لظهور الأسواق المالية .. و التى تبعها لاحقاً ظهور البنوك .. و من بعدهم تطور الأمر مع ظهور المزيد من أشكال تداول النقود من أوراق مالية و أسهم و سندات و غيرها ، إلى ظهور المزيد مما يعرف الآن بالآسواق المالية الحديثة ...
ومن هذا نخلص إلى النقاط التالية :
1- كان الأصل فى التعامل بين البشر هو ما يعرف بالإقتصاد الطبيعى ، أى التبادل المباشر للسلع أو الخدمات مقابل بعضها البعض؛ و كان الرضا و التبادل الحاضر بدون أجل هو الأساس فى إتمام التعاملات ..
2- نتيجة لتنوع حاجات البشر ، مع اختلاف مواقيت استخدامها حسب الطلب .. ظهرت الحاجة لتخزين القيمة فى شكل ما ، لحين الإحتياج إليها ، حيث يتم الإستفادة منها بأكبر قدر من الكفاءة الممكنه التى تعنى عدم فقدان القيمة المخزنة ،بقدر الإمكان .
3- بدأ تخزين هذه القيمة فى عدة أشكال كما ذكرنا على سبيل المثال (الملح و التمر والبر و الشعير و الذهب و الفضة) و غيرها .. و تطور الأمر إلى الأشكال الحالية المعروفة ..

و لكن يظل السؤال ماهى تلك القيمة البانية للأصول المالية التى أتخذت تلك الرموز للتعبير عنها ؟
وللإجابة فى رأينا يلزمنا الرجوع لمقال د. حازم الببلاوى " حيث قال ، فالأصول المالية هى اختراع بشرى تم على فترات طويلة لنوع من الرموز التى تسهل تبادل و تداول الموار العينية بكفاءة أكبر ، تماماً كما سبق أن اكتشف العقل البشرى اللغة ثم الكتابة كرموز لتبادل و انتقال الأفكار و العواطف و الإحتياجات بين البشر .. فاللغه هى مجرد أصوات ، و لكنها أصوات ترمز لمعانى أو أحاسيس أو حاجات الفرد ، لكى تمكنه من الإتصال بالآخرين ، فهناك صعوبة فى نقل هذه الأحاسيس الداخلية للفرد ، و نقلها للآخرين دون وسيلة أو رموز متفق عليها .. و هذه هى اللغة ...
و نفس الشئ بالنسبة للكتابة التى هى مجرد رسوم ، و لكنها رسوم متفق عليها تعبر عما يجول بالخواطر ..
و كذلك الحال مع الأصول المالية ، فهى أيضاً رموز تعبر عن الموارد الإقتصاية العينية .. و تسهل تعامل الأفراد فى هذه الموارد الحقيقية من خلال التعامل فى هذه الرموز " و خلص إلى أن الأصول المالية مثل النقود و مشتقاتها و كذلك حق الملكية ، ليست أشياء ملموسة و لكنها رموز متفق عليها و معترف بها من جانب المجتمع بأحقية الملكية و التداول .
وبالرغم من ذلك فإن ما نود أن نشير إليه؛ أن الموارد الإقتصادية العينية التى اتخذت من الأصول المالية رموزاً للتعبير عنها .. هذه الموارد ذاتها هى رموز لقيم أخرى - حيث أن تلك الموارد ليست سلعاً استهلاكية يستفاد بها بطريقة مباشرة ولكن تستعمل فى الحصول على تلك السلع ، هذه القيم الأخرى هى التى تعمل على تلبية الإحتياجات البشرية على مختلف أنواعها .. و التى فى سبيلها يبذل الفرد الطاقة فى العمل عن طيب خاطر و رضا ، ليحصل عليها .. و من هذه الزاوية نقول أن الأصل فى الموضوع كله هو الطاقة البشرية المبذولة لتلبية كافة الإحتياجات البشرية .. و هى التى فى سبيلها يعمل الفرد و يفرح ويرضا و يغضب و يثور أويحارب بل و تدور حولها كافة الأحاسيس البشرية و التى تدفعه للتمسك بالحياة .. بل لا نبالغ إذا قلنا أنها قد تدفعه للموت و الإنتحار إذا فقدها !!
و لنقرب الصورة التى نود التعبير عنها ، دعنا نتتبع طريقة نشأة وتكون تلك التى نطلق عليها الأصول المالية :
فلكى يتم الحصول على منفعة ما ، لابد من بذل جهد ما فى مقابلها .. هذا الجهد المبذول يتم مكافئته بالعائد المناسب الذى يحدد بالرضا و التفاهم بين الطرفين .. هذا العائد الذى تم الحصول عليه ؛ ليس بالضرورة يتم استهلاكه كله فى حينه .. و لكن قد تنشأ عنه الحاجة لتخزين الفائض منه لحين الحاجة إليه أو لإدخاره أو اعتباره من المقتنيات أو حسب مايترائى للفرد أن يفعل ...هذا الفائض أياً كان هو خلاصة جهد وطاقة بشرية مبذولة .. يأمل الفرد فى استعمالها حسب حاجته وقتما يشاء .. بما يحقق له توفير الجهد و الطاقة لاحقاًً .. إذن مانقوم بتخزينه فى الأصول المالية أو النقود و مشتقاتها هو : الطاقة .
و هنا قد تعرف الأموال بأنهاأحد صور الطاقة .. و بالتالى إذا أردنا أن نعرف مفتاح التعامل مع الأموال ، فيلزمنا وجوباً و بالضروة التعرف على كيفية التعامل مع الطاقة ذاتها !!ومن هنا لابد أن ندرك أن الطاقة لا تخضع للتداول الزائف مثلاً أو الربا .. كما لا تخضع أيضاًً لقوانين التحديد أو التنبؤ رجماً بالغيب .. و لكن ببساط تخضع للقوانين الطبيعية للتعامل الحاضر و الرضا .." إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم"
"إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم"
و للمزيد راجع الإقتصاد المحورى - إجتهاد إسلامى للمناقشة و الحوار…….
http://osa-2008.maktoobblog.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق